بنص الطريق القصد اني وصلت نص الطريق بدراسة اللقب الثاني في مجال الاستشارة التنظيمية, يعني ضل بالضبط قد ما راح.
بس بنص الطريق كمان يعني اني واقفة بشي محل, بنص الطريق, عيوني على اللي ضل من الطريق, شايفة اشي حلو كثير بنظري (وترى نظري هو المهم بالاخر يا عمي!) بس كمان بين نظرة ونظرة بختلس تطليعة قصيرة خاطفة للخلف, وبسمع اشياء محبطة, بتخليني اوقف محلي شوي.. بس ما عاش اللي يحبطني! اكيد بعاود بتقدم بخطوة لقدام.
اخترت اتعلم لقب ثاني استشارة تنظيمية, وفي الكلية الاكاديمية أونو بالذات. كان عندي الفرصة افتش عن محلات ثانية. وفي ناس اقترحت تساعدني, بس انا اخترت, قررت, وسجلت. والسبب الرئيسي, انه في مسار تعليم بس يوم جمعة. وبما اني بشتغل وظيفة كاملة ومش معنية اخسر يوم شغل, لقيت الاشي مناسب.. انه يكون في مؤسسة اكاديمية تهتم باحتياجات العالم اللي زي حالاتنا, الموظفين, او بالاخص يا عمي الموظفاااات! هو اشي منيح مش العكس. يا عمي احنا اللي غاطسين/ااااات بمشاغل الحياة ومع ذلك حابين/ااات ومصممين/اااات نتعلم, بنفتش عن ظروف تعليمية تناسب ظروف حياتنا, ومش بالضرورة على حياة جامعية اكاديمية بالمفهوم المتداول.. وطبعاً بما انه يوم جمعة, ويوم جمعة طويل, فعلى الاغلب يعني يكون كل الطلاب ابو عروبة! بدهاش كثير فصاحة, ولا تقارير تلفزيونية. وبالعكس, هاي النقطة انا شخصياً حبيتها. ولا مرة بحياتي تخيلت اتعرف على ناس من النقب للجليل تحت سقف واحد.. هاي الشبكة معجبتني وناوية اشتغل على تطويرها ! كمان انك تكون بمحل يعطي مجال للي بصلّي الجمعة انه يطلع يصلي وبمصلّى خاص, هو اشي منيح مش العكس. انا شخصياً كإنسان ايجابي اخذت الاشي من منطلق ايجابي, وما بلشت ادور على تحليلات بس ممكن تخرب عليّ وعلى نفسيتي.
بنص الطريق, بقدر اقول اني راضية. قصدي مبسوطة. او حتى مستمتعة! في حدا سألني كيف التعليم سماح؟ طلع مني جواب عفوي ما فكرت فيه كثير, بس مثل الاطفال, العفوي بيكون صادق. كان جوابي “بعيش احلى ايام حياتي”! فكرة انه واخيراً يوم الجمعة هو يومي انا وبس, ال 45 دقيقة سفر بساعات الصبح من القدس للكلية هي بحد ذاتها متعة (مرات 47 يعني تدققوش!) .. الصداقات الجديدة, المضامين المفيدة, تطوير نفسي وشخصيتي ومهاراتي.. كلها اشياء بتخليني اشعر بالمتعة.. صح يمكن في اشياء مضايقتني, وبتذمر منها, بس هاي خليها لنفسي لأنها بتتعلق بس بسماح وبشخصيتها الدقرة ومتطلباتها الزايدة من نفسها ومن اللي حواليها (ارحمي!).
بنص الطريق بقدر اقول اني استفدت, وتعلمت اشياء جديدة, كثير مهم بالنسبة الي انها اشياء عملية, بتفيدني بشغلي وبحياتي. بصراحة انا بمرحلة بحياتي اللي مش ببالي اتعلم بس نظريات, اصلاً بنفعنيش. خاصة انه احنا بنحكي عن مجال كله عملي بعملي. انك تتعلم كيف تعمل مفاوضات من دكتورة بتعطي استشارات لسياسيين معروفين, ومقالاتها حاصلة على جوائز عالمية. انك تتعلم عملياً كيف تعمل مقابلة استشارية مهنية من بروفيسور معروف, انك تفهم وتنسجم مع مواد ادارة مالية جامدة ولا عمرك حبيتها وكنت تفكرها طلاسم هيروغليفية, بس المحاضِر (يسعدُه وين ما كان!) حببك فيها بأسلوبه العملي الشيّق وخلاها بالنسبة الك اشي كثير قريب… واكيد غيرها وغيرها (بعدني بنص الطريق مهو قلنا!), كلها اشياء بس بتحفزني..
عنجد في محاضرين ولا اروع, على الاقل اللي علموني لحد نص الطريق. بصراحة انا فكرتها مجرد دعاية عالباصات وبالشوارع وبمنابر تسويقية اخرى, لحد ما جربت بنفسي. ولأ يا عمي, انا مش من ضمن هاي المنابر التسويقية. وبعملش دعاية ولا لحدا, و مليش اي مصلحة بالموضوع, غير احكي تجربة شخصية. اصلاً اصلاً انا الوحيدة بالصف اللي بدفع قسط دراسي كامل وبدون اي استرجاع بما اني بشتغلش بوزارة التربية والتعليم ! طيب.
طريقة التعليم تختلف عن الجامعات. اكيد. شروط القبول تختلف. طيب.
بس هذا لا يعني انها مش منيحة. اصلاً كل موضوع المقارنة بحد ذاته احبطني. انت خريج جامعة, معناتك بتفهم. خريج كلية, صُف واطفي! صح الجامعات شديدة اكثر من ناحية متطلبات, بس تخيلوا معي انه لو بس اللي بيقدر يفوت الجامعة من ناحية شروط قبول, والتزامات دوام, ومتطلبات صارمة, بس هو اللي بيستحق يتعلم, كان شو صار بالباقي؟ مش من حقنا نتعلم ونتقدم بحياتنا يعني؟! والله عال.
على سيرة والله عال, بما انه هذا اللقب مناسب اكثر اشي للمعلمين والمعلمات لأنه لمؤسسات تربوية بالاساس (بس ترى انا مش معلمة ها ومع ذلك منسجمة مع معظم المواضيع!) , سمعت كذا مرة جملة “والله عال! عشنا وشفنا كل المعلمين صاروا مستشارين تنظيميين” (بتعرفوا مع حركات ردح وهيك!). اولاً ,مش كل معلم عم يدرس استشارة تنظيمية ناوي يضب العدة ويترك التدريس ويصير مستشار. كل واحد وهدفه من اللقب, خلينا نحترم الخيارات والاعتبارات الشخصية. ثانياً واذا يعني كل المعلمين تعلموا وين المشكلة؟ انتو ليش زعلانين ؟ وين المشكلة انه كل معلم يكتسب ادوات تساعده بتطوير شخصيته و شغله وحياته, وتطوير أولادكم يابا؟!
وبعد تجربة, اللي بيقول ان الكلية اشي سهل, انا بقول لأ. اسهل من الجامعة, ااااه طبعاً. بس كل تعليم هو اشي ملزم, وفيه متطلبات وواجبات, وبحاجة لقعدة ودراسة. والاشي بيتعلق فيك وبجديتك عمي!
وبالاخر يعني بغض النظر عن وين تعلمت ومن وين شهادتك, الميدان يا حميدان! اللي عنجد ناوي يشتغل بالمجال, المفروض يستوفي شروط ميدانية معينة, اللي بتربط الشهادة, بشو تعلمت عنجد, بشخصيتك, بمهاراتك. يعني ممكن تحصل على شهادة من جامعة عريقة (وبامتياز كمان روح ولا زعلك!) بس ما تقدر تعمل هذا الربط وبالتالي ما تنجح عملياً, ومليان امثلة على ناس هيك, ومش عيب. بس العيب هو اصدار الاحكام, والتعميم. وممكن بالمقابل تحصل على شهادة من كلية وتكسب كل المهارات العملية, وتصقلها بالقراءات الخارجية والتدريبات والاثراءات, وتبدع ! بس طبعاُ خليني اكون واقعية, ما بنكر انه في ناس بتخلص اللقب بتعرفش كيف, وما الها ولا اي علاقة بشو تعلمت, بس هاي الفئة بحبش احكي عنها. وهي اصلاً ما بتخوف ولا بتخرّب, لأنها اصلاً مش رح تقدر تشتغل بالمجال. وكمان مرة لا للتعميم, وكل شخص واعتباراته.
ما علينا, باختصار اذا انت مستشار تنظيمي بالفِطرة (احم يعني زيي! بشهادة شهود ومش اي شهود هااا, تباً للتواضع!) ممكن تنجح بالمجال, ومش مهم من وين شهادة حضرتك..
وبالنهاية, اذا انت ناوي تتعلم هذا المجال, او غيره كمان يعني, ما تحط قدامك عراقيل, ولا صور نمطية ولا افكار مسبقة. من حقك تتعلم وتتقدم, حسب قدراتك وامكانياتك, الحياتية والاجتماعية والعملية وغيرها. اه اسمع للناس اللي جربوا الاشي, وحاول تكوّن صورة شاملة تساعدك بالقرار. بس دايماً تذكر انه احنا مختلفين, حتى التوأم اللي عاشوا بنفس الرحم ونفس التجربة, طلعوا شخصين مختلفين. شوف شو امكانياتك, اعمل اعتباراتك انت, وحساباتك انت. اذا اعتباراتك بتشبه اعتباراتي ( تسألنيش عاد شو هي, الي ساعة بكتب يعني مش عايدتها!) انا بنصح جداً بالمؤسسة اللي بتعلّم فيها (ولك وحياة امي ما بعمل تسويق!)
وخلص وعد اخر جملة, بالنجاح للجميع شو ما تختاروا ووين ما تختاروا !
يلا باي!